\" وعجلت إليك رب لترضى\"
(نايف
وإبراهيم , كوكبان أفلا)
- حياة الطاعة وخاتمة الشهادة -
الهداية نعمة
من الله تعالى من أعظم المنن , وحب الطاعة لا يعدله حب , والتوفيق لفعل الخير منحة
إلاهية لا تعدلها كنوز الدنيا , ونحسب أن الله تعالى قد وفق لهذا شابين من شباب هذا
الزمان ممن عاشوا معنا , واختارهم الله لجواره وهم في ريعان شبابهم ,ويصدق فيهما
قول أبو الحسن التهامي في رثائه لولده :
ياكوكبا ما كان
أقصـر عمـره وكذاك عمر كواكب الأسحـار
وهلال أيام مضى لـم يستـدر بدرا ولم
يمهـل لوقـت سـرار
جاورت أعدائي وجـاور ربـه شتان بيـن جـواره
وجـواري
ولإن غيب الموت
أشخاصهم عن أبصارنا إلا أننا لم ننسهم على مر الليالي والأيام - فا للهم اجمعنا بهم
في دار لا فراق فيها - آمين .
من أين أبدا مقالي هذا ؟
وعن أي شيء
أتكلم ؟
هل أتحدث عن صدق الاستقامة ؟
أو أحكي جمال الأدب , وعظيم
الحياء ؟
أم أنشر عبير الجد في طاعة المولى عز وجل ؟
(نايف
وإبراهيم) شابان مستقيمان جعل الله لهما الحب في قلب كل من يعرفهم .
من حفاظ
كتاب الله , ومن خيرة شبابنا الصالحين , استقاما في سن مبكرة لم تغرهم دنياهم
بزخرفها الزائل , ومتعها الحقيرة .
أما (نايف) فقد ألتحق بالصحبة الطيبة وهو في
المرحلة الثانوية (التوجيهي) فجد في حفظ القرآن وحفظه في فترة وجيزة , وأما(
إبراهيم) فعجب عجاب في استقامته, التحق بصحبة الأخيار وهو في الصف الأول المتوسط
(الإعدادي ) وصار معهم حتى أدركته المنية وهو في الثالث الثانوي (التوجيهي) ست
سنوات هي في عمرِ أقرانه وولاتهم مرتع اللعب واللهو, أما هو فقد صرفها في الجد في
مرضات الله تعالى , فكان لهما ما أرادا( حياة الطاعة وخاتمته الشهادة)
.
كانت العبادة سمت بارزة لهم , والجدية فيها يعرفها عنهم كل أقرانهم
.
يقول والد (إبراهيم) ما أعرف عنه إلا المسابقة للذهاب إلى المسجد ,
والتقدم في أول الوقت للصلاة ولذا عزم على إدراك تكبيرة الإحرام أربعين يوماً
اغتناماً لحديث \" من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى ، كتب له
براءتان : براءة من النار ، وبراءة من النفاق\" صحيح الترمذي
فأدركها بفضل
الله تعالى ثم بفضل همته العالية , وكان قد جعل له سجادة في غرفته ليصلي عليها
الليل , يقول معلمه : تحدثت يوماً في احد الدروس عن صلاة الوتر وذكرت قول الإمام
(أن من يداوم على ترك الوتر فهو رجل سوء) قال: فأمسك بي بعد الدرس وقال مستغرباً :
وهل هناك مسلم يترك الوتر ؟ .
عُرف عنه البكاء عند تلاوة القرآن أو سماعه -
وهكذا هي القلوب الرقيقة - .
حج مرتين على الرغم من صغر سنه إذ مات في
الثامنة عشرة من عمره , ونوى الحج في عام وفاته لا حرمه الله أجر نيته , ولم تفته
سنة الاعتكاف طيلة سنوات استقامته الست في عمره القصير .
وكذا كان أخوه
(نايف) - أنزل الله على قبريهما شآبيب الرحمة - فقد كان جاداً في العبادة , حريصاً
على الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إبان دراسته هناك ,مسابقاً للصلاة
حريصاً على الصف الأول يعرف ذلك عنه إخوانه , لقد كانت الجدية ظاهرة عليهما في هذا
الباب
ولازلت أذكر(نايف ) وكأني أنظر إليه الآن وقد اتخذ ذلك المكان في
زاوية من المسجد فترة اعتكافه , وقد ستره بستر رقيق ليخلو بربه عز وجل ما بين تلاوة
وصلاة وذكر, وكان كثير الخلوة في ذلك المكان ولا يكاد يأكل معنا إلا ما يقيم به
صلبه , كان يصلي أحياناً بإخوانه بعد صلاة التراويح وكأني أسمع صوته الشجي يرتل تلك
الآيات والخشوع قد ملأ جوارحه,والبكاء والخشية في تلاوته لا تفارقه,فقد عُرف عنه
ذلك .
صلى ذات يوم بجماعة مسجد حيه وقرأ آيات من سورة الأعراف وبكى وأبكى
الناس , وكثيرا ما كان يسأله إخوانه أين تصلي الليلة كي يصلون معه .
يقول أحد
جيرانه : كنت وأنا أدخل لمنزلي في ساعات الليل المتأخرة أمر بجوار غرفته فأسمعه
يتلو الآيات بقراءة حزينة مترسلة فأتعجب من جمال تلاوته , وجَلَده على العبادة ,
ولقد وصف الله تلك النفوس الشريفة بقوله (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ
سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ
يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ
أُولُو الْأَلْبَابِ) (الزمر:9) وبقوله (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ
يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)
(السجدة:16) جعلهم الله ممن وُعِدوا بقوله (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ
لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (السجدة:17)
وكأنهم يصدق فيهم قول عبدالله بن المبارك عن صفة الخائفين :
إذا ما الليل أظلم
كابدوه فيسفر عنهم وهم ركوع
أطار الخوف نومهم فقاموا وأهل الأمن في الدنيا
هجوع
لهم تحت الظلام وهم سجود أنين منه تنفرج الضلوع
وخرس بالنهار لطول صمت
عليهم من سكينتهم خشوع
- مما تميزا
به –رحمهما الله - بر الوالدين , فقد كان البر من أرجى أعمالهم وأحبها إلى قلوبهم
وكانا يقوما برعاية الوالدين وطاعتهم , وإدخال السرور عليهم , وكم تحدث والداهم عن
عجيب برهم بهم , وكذا إحسانهم لإخوانهم فقد اجمعت بيوتهم على حبهم حباً
عظيماً
- كان الصيام –وهو عبادة المخلصين- عبادة قد حُببت لهما , فلم يُعرف
عنهما إلا المحافظة على صيام الاثنين والخميس والأيام البيض , ولا يفوتا صيام
الأيام الفاضلة كعشر ذي الحجة ونحوها , لقد كان لجديتهم في العبادات الأثر العظيم
في اغتنام الحياة في كل طاعة
-أما القرآن الكريم فقد كان أحب شيء إليهما في
الحياة قد جعلاه أنيسهم وجليسهم ,وقد رزقهم الله حفظه في فترة وجيزة , وكانت
أوقاتهم كلها مصروفة له, لا تراهم في المسجد إلا القرآن معهما , وبين إخوانه لا
يُعرفان إلا والمصحف بين أيديهما فقد رسمت صورتهما مع القرآن قد خُلط بدمائهما
واستقر حبهم في قلوبهما , , يقول أحد إخوان (نايف) : لا أذكر أني دخلت عليه البيت
يوماً من الأيام إلا والقرآن بين يديه , كنت أرى القرآن معه كل وقت وحين , وأذكر
زاويته التي كان يجلس فيها منفرداُ بكتاب الله تعالى
ويطيبُ قلب بالتلاوة
حاضر ويطيب عيش عندها وممات
إني لأغبط في هناءة مؤمن قلباً تحرك جانبيه
صلاة
هذا الكمال إذا أريد بلوغه هذي النجاة إذا أريد نجاة
هذي النفوس
زكية ريانة هذي الوجوه من الهدى نضرات
من أعمال البر الجليلة التي تميزا
بها (إخفاء العمل)
ومن ذلك : أن عجوزاً كانت تسكن لوحدها فكان إبراهيم يتعاهدها
بالرعاية والإحسان , ويقوم بشؤونها ويحضر لها الطعام والشراب
الخميس أغسطس 24, 2017 7:26 am من طرف بدويه
» اية رأيكم لو نأخذ بعض الدروس من الاطفال !!!
الخميس أغسطس 24, 2017 7:20 am من طرف بدويه
» مرة أخرى: لا تستهينوا بأعراض المسلمين
الخميس أغسطس 24, 2017 7:19 am من طرف بدويه
» اجر الصابرين فى الدنيا والاخره
الخميس أغسطس 24, 2017 7:18 am من طرف بدويه
» ذُنوْبٌ وَمَعْآصِي أثقَلتْ وَاللهِ ظَهري ْ ~
الخميس أغسطس 24, 2017 7:16 am من طرف بدويه
» كل مالدي سيكتب هنا
الخميس مارس 30, 2017 7:14 am من طرف ساكن القلب
» اتحداك توصل لـ 20 ولا احد يقطع عليك متجدد >5<
الأربعاء يناير 06, 2016 6:50 am من طرف ساكن القلب
» جامعة المدينة العالمية [MEDIU]
الخميس يوليو 23, 2015 3:49 pm من طرف abomaryam6
» جامعة المدينة العالمية [MEDIU]
الخميس يوليو 23, 2015 3:48 pm من طرف abomaryam6
» جامعة المدينة العالمية [MEDIU]
الخميس يوليو 23, 2015 3:47 pm من طرف abomaryam6
» جامعة المدينة العالمية [MEDIU]
الخميس يوليو 23, 2015 3:46 pm من طرف abomaryam6